تأخذ أساليب تربية الأبناء طريقين ، فإما أن نربى أطفالنا بالصورة التي نراها وتناسبنا وتسعدنا حسب وجهة نظرنا الخاصة ، والطريقة الأخرى أن نحررهم من آرائنا ونحرر شخصياتهم ونطلق لهم حرية التعبير عن رغباتهم
فالطفل الأول في الأسرة غالبا ما ننشئه بصورة متشابهة لحد كبير لنا ولرغباتنا ، فنريده ودودا واجتماعيا ورياضيا ونشيطا ، وهذا لا شك شيء جميل ،
أما الطفل الثاني فلعلنا في بعض الأحيان نراه مختلفا عن الطفل الأول فقد يكون هناك سببا في الخلقة أو الشكل أو الطبع أو حتى لعدم قدرتنا على ممارسة ما فعلناه مع الطفل الأول ، فيبدو أمامنا وللأسف في درجة اقل من الطفل الأول .
ومن هنا تبدأ المقارنات القاتلة بينهما : فنظهر إعجابنا ومديحنا للطفل الأول ونعلن ذلك على الملأ حتى يشتهر عنه ذلك وكثيرا ما يتصور الآباء والأمهات أن الطفل المتشابه معهم هو الأفضل والأسهل في التربية والجيد في النتيجة ويعتبران أن المختلف معهم هو الأسوأ والأصعب والسيئ في النتيجة
فبالنسبة للطفل الثاني فان هذا الأسلوب سبب له إعاقة طويلة طيلة حياته لاحترامه لذاته وشكه في قدراته مما يحمله للبحث عن إشباع عاطفي في مكان وبيئة أخرى بعيدا عن والديه ، ومما يشغله عن تطور نفسه ومهارته وامكانياته ، وعند المراهقة سيعلن التمرد والاستقلالية ويفرض هذا الأمر على الأسرة وسيبذل الأبوان جهدا لتفهم هذا الوضع ومساعدته على ذلك وهذا لا شك تأخير لقدرته الإبداعية والابتكارية وقد يعيقه عن اكتشاف نفسه رغم انه سهل له الانفصال عند المراهقة وأما بالنسبة للطفل الأول فبسبب مدحنا له على التشابه معنا فهو قد تنازل عن جوانب في شخصيته ورغباته ومحاولاته للاختلاف والتميز التي قد تكون بداخله والتي قد تختلف مع آرائنا وتصوراتنا والتي قد تكون أيضا أكثر ايجابية مما نحن فيه فلعله كان بداخله عالما كبير أو مكتشف عظيم أو ما شابه ولكن نتيجة إلحاحنا الدائم ومحاولاتنا المستمرة لاستنساخه أن يكون مثل أبيه
ومن أخطاء التربية هو عدم الاعتراف باستقلال شخصية الابن الذاتية فهو في نظر الأب أو الأم مجرد كائن تابع لهم يحققون من خلاله مشاريعهم الذاتية ، فلا يرونه طفلا بل كائنا اى كان يجب برمجته حسب آرائنا وان الاختلاف أو التشابه بين الأطفال إنما هو حكمة إلهية بالغة ، فلا يحاول الوالدان محاربة ذلك الاختلاف ولنعتبر أن لكل طفل خصوصية وبصمة شخصية